اسم الکتاب : تفسير السمرقندي = بحر العلوم المؤلف : السمرقندي، أبو الليث الجزء : 1 صفحة : 346
قوله تعالى: مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا يعني من كان يطلب الدنيا بعمله الذي يعمل ولا يريد به وجه الله، فليعمل لآخرته كما قال: فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ يعني الرزق في الدنيا والثواب في الآخرة، وهو الجنة. ويقال: في الآية مضمر فكأنه يقول: من كان يريد ثواب الدنيا نؤته منها، ومن يريد ثواب الاخرة نؤته منها، فعند الله ثواب الدنيا والآخرة. وقال الزجاج: كان المشركون مقرين بأن الله خالقهم، وأنه يعطيهم خير الدنيا، فأخبر الله تعالى أن خير الدنيا والآخرة إليه. وروي عن عيسى ابن مريم أنه قال للحواريين: أنتم لا تريدون الدنيا ولا الآخرة، لأن الدنيا والآخرة لله تعالى، فاعبدوه إما لأجل الدنيا وإما لأجل الآخرة. وروي في بعض الأخبار أن في جهنم وادياً تتعوذ منه جهنم، أعد للقراء المرائين. ثم قال: وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً يعني عالماً بنية كل واحد منهم. وروى سهل بن سعد عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال:
«نِيَّةُ المُؤمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ، وَعَمَلُ المُنَافِقِ خَيْرٌ مِنْ نِيَّتِهِ» . وكان يعمل على نيته.
[سورة النساء (4) : الآيات 135 الى 137]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (135) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (136) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (137)
قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ أي كونوا قوامين بالعدل، وأقيموا الشهادة لله بالعدل، ومعناه قولوا الحق وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أي وإذا كانت عندكم شهادة، فأدوا الشهادة ولو كانت الشهادة على أنفسكم أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ثم قال:
إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً أي أدوا الشهادة لا تكتموها، سواء كان لغني أو لفقير، ولا تميلوا إلى الغني لأجل غناه، ولا تكتموا الشهادة على الفقير لأجل فقره. ويقال: اشهدوا على الوالدين كانا غنيين أو فقيرين فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما أي بالغني وبالفقير. ويقال: أولى بالوالدين وأرحم بهما إن كانا غنيين أو فقيرين. ثم قال: فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أي لا تشهدوا بهواكم، ولكن اشهدوا على ما شهدتم عليه.
ثم قال تعالى: أَنْ تَعْدِلُوا يعني أولى بهما أن تعدلوا على وجه التقديم والتأخير.
اسم الکتاب : تفسير السمرقندي = بحر العلوم المؤلف : السمرقندي، أبو الليث الجزء : 1 صفحة : 346